إندبندنت: عام 2022 ستكشف فرنسا عن فظائعها في حرب الجزائر

باريس – بال بلس
نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية تقريراً بعنوان “يجب أن تذهب فرنسا إلى المحاكم لتواجه ماضيها المروع في الحرب الجزائرية” وقدّمت الصحيفة في التقرير تحليلاً لإعلان حكومة باريس عن إلغاء العُرف الذي يمنع كشف ملفات الأرشيف الوطني الفرنسي عن الحرب الجزائرية ما بين أعوام 1954/1962م، حيث تم تحديد موعد الكشف خلال 15 عاماً بدلا من 75عام.

وقال تقرير الإندبندنت إنه بعد مرور أكثر من 6عقود على حرب الجزائر؛ فقد يتمكن الناجون أخيراً من الاطلاع على الوثائق السرية حول الفظائع الفرنسية ضد الجزائريين.

الأرشيف الفرنسي يستعد لكشف السرية عن وثائق تتعلق بـ حرب الجزائر

ونقل التقرير شهادة أحد الناجين الجزائريين وهو “محمد إنداريك”، الذي شهد في سلسلة من الهجمات الإجرامية الفرنسية التي نفذها أفراد شرطة باريس، ورأى بعينية كيف ضربوا الضحايا بأعقاب بنادقهم قبل إلقائهم في نهر السين.

وذكر الشاهد أنه في ليلة واحدة فقط؛ قُتل حوالي 300 شخص في عام 1962م في تظاهرة لنشطاء جزائريين دعوا فيها باريس للتخلي عن الحرب الجزائرية التي يوصف الصراع بها أنه الأكثر وحشية في تاريخ مرحلة مقاومة الاستعمار في ستينات القرن الماضي.

حيث سيصبح بقدور شاهد العيان “إنداريك” (79) عام؛ الآن الاطلاع على الوثائق السرية عن المذبحة، حيث ستسمح السلطات الفرنسية الاطلاع على ملفات الحرب الفرنسية على الجزائر؛ بعد قرار تقليص مدة الحظر وإبقاء السرية لضرورات الأمن القومي على الوثائق لـ 15 عاماً فقط، بدلاً من 75 عام.

وقال “إنداريك”: لم يتم تقديم أي شخص للعدالة بسبب المذبحة في باريس، رغم تصوير مئات من رجال الشرطة عملية القتل حولهم، وأضاف بأن الأحداث المماثلة استمرت طوال الحرب التحرير الجزائرية، حيث نفّذت قوات جيش وشرطة باريس عمليات قتل وتعذيب وسجن بحق الجزائريين، ولم يُكشف عن سجلات ما يحدث ولم يحقق أحد بالجرائم.

وقال الناجي “إنداريك” نريد قراءة أسماء القتلة ومعرفة رد فعلهم بعد كشفهم للعامة، وأضاف أنه في أحد الجرائم وجد نفسه سط مواجهات على جسر “سان ميشيل”، مقابل كاتدرائية “نوتردام”، في يوم 17 أكتوبر من عام 1961م، حيث كان عمره 19 عاماً فقط، ووصف المشهد بقوله:

أحد الناجين من حرب الجزائر يروي مشاهداته

“لقد كان رجال شرطة فرنسية مسلحون يحيطون بكل مكان، وكانوا يبحثون عن أي شخص ذو بشرة داكنة، لقد خاطر الجميع بتعرضهم للضرب، لكنّني تمكنت من الفرار، وتم سحق الكثيرون رغم كونهم عزلاً بدون سلاح بتظاهرة سلمية”.

وأفاد “أرزقي أمازوز” في تقرير الصحيفة أنه بالشفافية منذ عقود، لكشف عدد القتلى والجرحى الجزائريين، وهناك معلومات سرية ستُكشف، وأضاف بأنهم قاموا بتنظيم العرائض الداعية لفتح ملفات الأرشيف الوطني، ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم.

ويقول التقرير البريطاني أن الجزائر أصبحت اليوم أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، واعتبرتها فرنسا على مدار 132 عاماً؛ جزءً منها على الجانب الآخر من المتوسط، وهُزم المستعمر الفرنسي عام 1962 بعد أن شنت حركة التحرير الوطني الجزائرية (حرب التحرير)، وتمكن المستعمر الفرنسي من التعتيم على تلك المرحلة المظلمة من تاريخه.

وبالإضافة لفتح ملف الأرشيف الفرنسي عن حرب الجزائر؛ أيضاً هناك في الأرشيف وثائق باعتراف فرنسي بالتعاون في الـهولوكوست، حيث تم في عام 1995 أي بعد نصف عقد على الهولوكوسـت؛ اعترف “جاك شيراك” بالدور الفرنسي وقال: “إن حماقة الدولة الفرنسية جاءت بسبب الحنث بوعد الحماية وتسليم من كانوا تحت حمايتها للجلادين النازيين”.

اقرأ أيضاً: في ذكرى هجوم 6 يناير الماضي على الكونجرس الأمريكي.. التحقيقات مستمرة و”ترامب” سيعقد مؤتمر الخميس

وكان رئيس شرطة باريس “موريس بابون” متعاوناً مع النازيين، وتمت إدانته عام 1998 بارتكاب جرائم متعلقة بالهولوكـوست؛ ولكن ليس ضد الجزائريين.

وتشير تقارير لمقتل نحو 1.5 مليون مدني جزائري في حرب الجزائر 1954-1962 ، وإصابة عدد أكبر، حثت استهدافت القوات الفرنسية قرى بأكملها وبلدات كثيرة، واستخدمت أحدث تقنيات عسكرية حينها للقضاء على المجتمعات.

ولا تزال الجزائر ذات الغالبية العربية المسلمة على علاقة متوترة مع فرنسا، رغم ترحيب الجزائر بقرار باريس؛ إلا أن “عبد المجيد تبون” الرئيس الجزائري لا يزال غير مرتاح للخطوة، حيث من المتوقع أن يؤدي الكشف عن الملفات السرية لمزيد من تدهور العلاقات بين البلدين.