انتفاضة الأقصى بعد 21 عام.. كيف بدأت وماذا كانت نتائجها؟ بالفيديو والصور

القدس المحتلة – بال بلس
اندلعت انتفاضة الأقصى بعد أسابيع قليلة من فشل قمة كامب ديفيد، التي أشرف عليها الرئيس الأمريكي السابق “بيل كلينتون”، في محاولة لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ولكن “أرييل شارون”، زعيم المعارضة الإسرائيلية، قرر وقتها اقتحام المسجد الأقصى، الأمر الذي أدى إلى اندلاع انتفاضة الأقصى وتفجير الأوضاع واستمرار انعكاساتها على مجريات الأحداث حتى الآن.

وفي ذلك الوقت رفض “شارون” الاستماع إلى التحذيرات الفلسطينية وأصر على اقتحام ثالث أقدس موقع للمسلمين في 28 سبتمبر 2000.

وانتشر المئات من الجنود ورجال الشرطة في المسجد الأقصى لضمان الاقتحام الذي كان يحدث بضوء أخضر من الحكومة.
إلا أن مشاعر المصلين لم تستطع تحمل المشهد، فاستخدموا كل قدراتهم لإحباط الاقتحام، وأمطروا أحذيتهم على رؤوس المتسللين عند باب المصلى القبلي بالمسجد، وأصيب عشرات من الفلسطينيين وجنود الاحتلال في ذلك اليوم.

من صحيفة يدعوت أحرنوت العبرية

وفي اليوم التالي، اشتدت الاشتباكات داخل المسجد الأقصى، واستشهد خمسة من المصلين، وأصيب العشرات، بحسب وثائق مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (حكومي).

وفي اليوم الثالث امتدت انتفاضة الأقصى إلى الضفة الغربية وأسفر عن مقتل ستة فلسطينيين في محافظات مختلفة.

وجاء اليوم الرابع من انتفاضة الأقصى ليضيف الزيت على نار الغضب الفلسطيني، حيث وثق أحد الصحفيين إعدام الطفل محمد الدرة 11 عاماً، في شارع صلاح الدين بغزة على يد جنود الاحتلال.

الشهيد الطفل محمد الدرة يحتمي بحضن والده من رصاص الاحتلال الذي قتله

أسلحة انتفاضة الأقصى حجارة تواجه النار والدبابات

منذ البداية، استخدمت سلطات الاحتلال دباباتها في مواجهة المتظاهرين الفلسطينيين، وانتشرت على نطاق واسع صورة الفتى الفلسطيني الشهيد فارس عودة وهو يحمل حجراً أمام دبابة إسرائيلية قبل استشهاده.

الشهيد الطفل فارس عودة يواجه دبابة بالحجر

وبينما اقتصرت أسلحة الفلسطينيين في انتفاضة الأقصى على المظاهرات ورشق الحجارة وإحراق الإطارات عند نقاط الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي، رد الجيش بالرصاص ومدافع الهاوتزر.

زاد الاحتلال بشكل ملحوظ من عنفه ضد الشعب الفلسطيني، بعد مقتل جندي إسرائيلي على يد متظاهرين فلسطينيين في رام الله في 12 أكتوبر، عندما دخلت مروحيات أباتشي وقصفت مقرات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة.

في غضون أسبوعين من مواجهات انتفاضة الأقصى، استشهد حوالي مائة فلسطيني، وفشلت محاولات احتواء الوضع المضطرب، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار في 17 أكتوبر من العام نفسه.

فتح نهج الاغتيال

أخذ القتال في انتفاضة الأقصى منعطفاً أكثر خطورة، مع اقتراب الاحتلال الإسرائيلي من الاغتيالات الجوية، عندما هاجم سيارة مدنية، في 9 نوفمبر من العام نفسه، سيارة مدنية في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، مما أسفر عن مقتل الفلسطيني (حسين عبيات)، ليفتح الباب للاغتيالات ضد القيادات السياسية والعسكرية الفلسطينية.

وفي آب 2001 اغتال الاحتلال الإسرائيلي زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (أبو علي مصطفى).
وفي أكتوبر من نفس العام، ردت الجبهة الشعبية باغتيال وزير السياحة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت “رحبعام زئيفي”.

ومن أبرز ضحايا نهج الاغتيال اللاحق معظم قادة الصف الأول في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين، “مؤسس الحركة”، في 22 مارس 2004.

ومن جانبهم، بدأ الفلسطينيون بإطلاق النار على مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي والنقاط العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بمشاركة عناصر أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية.

طائرات F-16 وتوغلات

لم تكن مروحيات أباتشي، القوة الأخيرة التي استخدمها الاحتلال الإسرائيلي في محاولة لردع انتفاضة الأقصى الشعبية، وإنما استخدام طائرات إف -16 لقصف منازل الفلسطينيين ومقارهم الرسمية.

وبعد نحو ثمانية أشهر على اندلاع انتفاضة الأقصى، وتحديداً في مايو، بدأت الفصائل الفلسطينية في تنفيذ عمليات تفجير داخل مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي رداً على عمليات القصف والقتل الإسرائيلية، واستهدفت أماكن التجمعات مثل الأسواق والحافلات والمقاهي.

ومع استمرار المواجهة واحتدامها، ألغى الاحتلال الإسرائيلي اعتبارًا من 29 آذار / مارس 2002 الاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية واجتاحت جميع المدن والبلدات الخاضعة للسيطرة الفلسطينية في عملية أطلق عليها اسم “الجدار الواقي”.

حيث نصت اتفاقية أوسلو (1995) بين منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل” على تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى 3 مناطق: “أ” تحت السيطرة الفلسطينية، و “ب” تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، و “ج” تحت السيطرة الإسرائيلية سيطرة مدنية وإدارية وأمنية، وتشكل الأخيرة حوالي 60٪ من مساحة الضفة الغربية.

اقرأ /ي أيضاً: هبة النفق بعد 25 عامًا.. ما زال الأقصى في خطر

وبالإضافة إلى عمليات الذبح والتدمير، شهدت الاجتياحات حدثين بارزين حصار مقر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في رام الله وكنيسة المهد في بيت لحم.

في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2004، توفي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مستشفى عسكري على أطراف باريس، نتيجة تدهور صحته بشكل سريع، لم يتضح حيثياته، بعد الحصار.

وفي نفس العام، بدأ الاحتلال الإسرائيلي في بناء الجدار الفاصل، بطول 728 كم تقريبًا، لالتهام ما يقرب من 23٪ من أراضي الضفة الغربية وضمها للاحتلال الإسرائيلي.

الانسحاب من غزة والاستيطان في الضفة الغربية

وبينما انسحب الاحتلال من قطاع غزة تحت هجوم الفصائل الفلسطينية التي طورت قدراتها، استمر في عام 2005 في مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات وتحويل مدن وبلدات الضفة الغربية إلى معازل، لكل منها بوابة حديدية وقفل وإغلاقها وفتحها متى شاء الاحتلال الإسرائيلي.

عدد شهداء انتفاضة الأقصى

بعد مرور واحد وعشرين عامًا على انطلاقها، لم يعلن أي من الطرفين عن انتهاء انتفاضة الأقصى، لكن حدتها تضاءلت واقتصرت على التبرعات المحدودة على مدى العقدين الماضيين، بما في ذلك تبرعان للقدس والأقصى في عامي 2015 و 2021.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد استشهد 3712 فلسطينيًا وجرح عشرات الآلاف من أوائل عام 2000 إلى أواخر عام 2004، بينما بلغ إجمالي عدد الشهداء الفلسطينيين 10577 شهيدًا من أوائل عام 2000 إلى أواخر عام 2018.

بين 28 سبتمبر / أيلول 2000 ونيسان / أبريل 2017، قدرت المؤسسات الرسمية وحقوق الإنسان تسجيل نحو 100 ألف اعتقال، بينهم نحو 15 ألف قاصر.

السياسية وانتفاضة الأقصى

بعد أشهر قليلة من اندلاع الانتفاضة، وتحديداً في 6 شباط (فبراير) 2001، كافأ الناخب الإسرائيلي المتطرف “شارون” على مجازره، باختياره بهامش كبير على منافسه زعيم حزب العمل (يسار الوسط) “إيهود باراك”، وأصبح رئيساً للوزراء.

وخلال انتفاضة الأقصى عقدت القمة العربية في آذار 2002، ونتج عنها مبادرة سعودية تحولت إلى مبادرة عربية.

وتنص المبادرة على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من هضبة الجولان السورية المحتلة والأراضي التي لا تزال محتلة في فلسطين وجنوب لبنان مقابل اعتراف الدول العربية “بإسرائيل” وتطبيع العلاقات معها.

ورفض الاحتلال الإسرائيلي المبادرة العربية قائل إنه يوافق على مبدأ “السلام مقابل السلام” وليس “السلام مقابل الأرض”.

تطور أدوات المواجهة

في الوقت الذي تلتزم فيه منظمة التحرير، بقيادة حركة “فتح” التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، بالمفاوضات والمقاومة الشعبية كخيار لإقامة دولة فلسطينية، فإن حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة طورت أدوات المواجهة التي أدت إلى حيازة صواريخ تصل إلى عمق الاحتلال الإسرائيلي واستُخدمت في اشتباكات عسكرية كان آخرها في أيار الماضي.

وبعد سنوات من تعليقها، استؤنفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في عام 2008، قبل أن تعود وتجمد مرة أخرى في عام 2014 حتى اليوم، بسبب إصرار الاحتلال الإسرائيلي على بناء المستوطنات وفشلها في إطلاق سراح مجموعة رابعة متفق عليها من الأسرى السابقين.

انتفاضة الأقصى ضربة للتسوية

لم يُنظر إلى انتفاضة الأقصى على أنها أداة سحرية لتحرير فلسطين، بل وسيلة لإبقاء القضية حية في قلوب أصحابها ومن يدعمها، بحسب محمود فطافطة، أستاذ الإعلام في الجامعة القدس.

وأضاف فطافطة في حديثه، أن انتفاضة الأقصى “كانت بمثابة ضربة قاسية للمفاوضات الجائرة والظالمة والعبثية التي استمرت قرابة عقد من الزمن دون أن تحقق حلم الدولة الفلسطينية”.

ويتابع في قراءته تداعيات انتفاضة الأقصى ونتائجها “نجاحًا رمزيًا في أنه برهن على وجود شعب عانى تحت نير الاحتلال وفضل التضحية على الصمت”.

وبحسب الأكاديمي الفلسطيني، فإن عدم الاستقرار مع وجود القهر والاحتلال أمر طبيعي، والأمور الأخرى ليست دائمة دون تمتع الناس بالحرية والاستقلال.

https://www.facebook.com/palplusarabi/videos/2996511467272960/?__cft__[0]=AZXu652SSHoS2605tEcK-3b4mK9dA2n59qBHnGilpXjDhJSTYpKrUZGqcKhFs0DzcOuxJZKKE1kCozVhhtU4wuXKlQCeKmOdBzPQSWHU3P3xi2uYT20ft7_i5bQ73dOfygvMmEy1P4bIoxGjvaxKLpNz70uMYk39A0gLUrZ5Wrxaz2oHOCM62lXcaVWw1Grkyuc&__tn__=%2CO-R