الاحتلال يعود لخطط “موشيه ديان” للحل مع الفلسطينيين

القدس – بال بلس
في مقال عن خطط “إسرائيل” الحالية وُصفت بأنها تشبه خطط “موشيه ديان” سابقاً، قال “ميخائيل ميلشتاين” رئيس قسم الدراسات الفلسطينية في جامعة تل ابيب

أنه لم يكن في وارد “إسرائيل” الوصول إلى حل الدولتين في يوم من الأيام، وأن أقصى ما يُناقش في “إسرائيل” في مؤسسة الأمن والمستوى السياسي هو آليات إبقاء الاحتلال والتخلص من السكان وفي كل مرة يعيدون تغليف أفكار “موشيه ديان” أو “الون” في غلاف جديد.

 تتراوح رؤيتهم لتسوية الصراع مع الفلسطينيين بين الانفصال داخل الضفة الغربية، والفصل التام فيها بين النظامين الفلسطيني والإسرائيلي بخطوط واضحة على أساس إبقاء السيطرة العسكرية الإسرائيلية على كامل أراضي الضفة.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يقرر منح البطاقة الزرقاء للاجئين 2021

 بما فيها تلك التي تضم أراضي الكيان الفلسطيني وطرق الوصول إليه، مع تحميله المسؤولية الكاملة عن حياة المدنيين الفلسطينيين، بلغة أخرى تحميل الكيان الفلسطيني كامل مسؤوليات الدولة مع بقاء الاحتلال.

وبين السلام الاقتصادي كما أطلق عليه “نتنياهو”، أو تقليص الصراع كما يرى “بينت”، أو الحكم الذاتي كما جاء في “كامب ديفيد”، أو “أطروحات” “موشيه ديان” التي كانت تعتقد بالاحتلال “النظيف” الذي لا يراه الفلسطينيون ولا يتدخل في حياتهم، ويعتمد على تحسين سُبُل المعيشة اليومية للفلسطينيين، وغير ذلك من أطروحات لا تتناول إخلاء أي  شبر واحد من الضفة الغربية (التسوية الوظيفية).

أهم النقاط التي أوردها “ميلشتاين” في سلسلة من التغريدات على حسابه في تويتر عن مقاربات رؤى “موشيه ديان” للصراع:

فكرة تقليص الصراع التي يجري تداولها في مناطقنا بقوة في الأشهر الأخيرة والتي يروج لها كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية لها جذور عميقة تعود إلى آخر الستينات من القرن الماضي وهي على صلة برؤية “موشيه ديان” وسياساته تجاه المناطق

مقاربة “موشيه ديان” للهدوء طويل الأمد في المنطقة أطلق عليها “التسوية الوظيفية”، واستندت إلى تحسين نسيج الحياة العامة للجمهور الفلسطيني.

ومنحه الحكم الذاتي في المجالات المدنية والمحافظة على صلته مع العالم العربي “الجسور المفتوحة”، كل هذا إلى جانب التمسك الحازم برفض أي انفصال على الصعيد الجغرافي.

تمسك “موشيه ديان” بمبدأ الاحتلال الذي لا يرى ولا يتدخل في الرفاهية الاقتصادية والاحترام كحل استراتيجي يؤدي إلى هدوء أمني ويصرف الفلسطينيين عن الانشغال بالمواضيع السياسية والوطنية.

لقد أراد “موشيه ديان” في واقع الأمر الإمساك بالحبل من جميع الأطراف: لا للضّم، لا لإقامة دولة بشكل خاص ،عدم اتخاذ قرار بالحسم، أو كما وصف ذلك كاتب سيرة حياة “موشيه ديان” لــ”شبتاي طبت” ديّان أبقى للفلسطينيين أرضاً وجردهم من الدولة.

اعتقد “موشيه ديان” أنه يمكن إقامة “بلاد متعددة الأبعاد” من دون حدود سياسية واقتصادية، وتحدث “ديّان” عن تقليص الصراع مع الفلسطينيين كجزء من تقليص الصراع الأوسع مع العالم العربي، واعتقد أنه يمكن مع مرور الوقت إنشاء واقع يستند إلى وجود نظامين في نفس المنطقة وفي نفس الوقت .

اقرأ أيضاً: المغرب تدعو وزراء “إسرائيل” لزيارة الرباط

بعد نصف قرن، تجسدت هذه الفكرة في مجموعة متنوعة من التصورات السائدة في الخطاب السياسي وتظهر قلة التجديد فيها، بكل ما يتعلق بالمناطق، غالباً ما يتم تجاهل التغييرات التي حدثت على الساحة الفلسطينية، قبل عقد من الزمان قدم  “نتنياهو” مصطلح “السلام الاقتصادي” ويعتبر تقليص الصراع تطويراً عميقاً لهذا التصور.

كل هذه الرؤى تعارضت في حينه، وأيضاً الآن مع تصور “يجال الون” والذي أطلق عليه “الحل الإقليمي” والتي اعتدّت في المقام الأول على الإنفصال الفيزيائي وهو ما عمل “ديّان” على تجنبه، كما أنه لا يندرج في خطة السلام الاقتصادي وتقليص الصراع.

 كانت وجهة نظر “الون” تقول بأنه لا يجب أن تقام دولة في الجانب الآخر من الحدود، إنما كياناً ذاتياً، لكن يجب أن يكون هناك فصل واضح بين كِلا المجتمعين، ومنذ ذلك الوقت شعر “الون” بالانزعاج من عدم وجود قرار حاسم بهذا الشأن، علماً أنه أوضح في غير مرة إمكانية تنفيذ ذلك من طرف واحد.

بعد نصف قرن الاحتلال يعود لمخطط “موشيه ديان”

بعد 54 عامًا من عام 1967، أصبح من الواضح أن الكثير من خطابنا لا يزال يدور حول أفكار مماثلة بأغلفة جديدة، واليوم يبدو أن رؤية الدولتين وفقاً لمسار ” أوسلو” غير قابلة للتحقيق، على الأقل في المستقبل المنظور:

 الكيان الفلسطيني منقسم (أي ترتيب لا يلزم حماس ولا يشمل غزة)، والأراضي في يهودا والسامرة  تغيّر وضعها من الناحية الجغرافية والديمغرافية ( بشكل رئيسي بسبب تكثيف البناء الاستيطاني ) و الصلات المدنية بين الضفة وإسرائيل غير قابلة للانفصال تقريباً.

هذه وصفة جاهزة لعملية الانزلاق لواقع الدولة الواحدة، إن التمسك بفكرة تحسين الحياة على المستوى المدني؛ التي تعتبر مهمة وحيوية بحد ذاتها، من دون عنصر الانفصال يمكن أن يبطئ من هذه العملية لكنه لا يمكنها منع ذلك في نهاية الأمر.

ترجمة/ معاوية علي موسى