دعاء المطر.. والأفعال المستحبة عند نزول المطر الواردة عن رسول الله (صَلَّ اللَّهُ عليه وسلَّم).

المطر هو من أعظم نعم الله علينا، وهو من مظاهر عظمة الله سبحانه وتعالى وبديع خلقه جل في علاه، فبنزول المطر تغسل القلوب قبل الأرض ونشعر بالتفاؤل والسعادة، وهناك دعاء المطر لهذه نعمة عظيمة مّن الله بها علينا وتستحيل كل مظاهر الحياة دونها، قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) [الأنبياء: 30].

أهمية المطر العظيمة

حاجة الكوكب وما فيه من مخلوقات وكائنات إلى ماء المطر بشكل خاص لا غنى عنها، فالله بقدرته يأمر الرياح بالتحرك، فيتحرك معها السحاب المحمل بماء المطر، فيكون نزول المطر بأمر الله سبحانه جل في علاه.

قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ) [السجدة: 27]

فينبت الزرع ويعمُّ الخير والرضى بنزول المطر.

 قال تعالى: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) [النمل:60]

وقال أيضاً سبحانه: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا، لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا، وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا) [النَّبأ: 14 – 16].

المطر حديث عهدٍ بربه

وعن عظمة المطر حدثنا أنس بن مالك، (أَصَابَنَا وَنَحْنُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّ اللَّه عليه وسلَّمَ مَطَرٌ، قالَ: فَحَسَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّ اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَوْبَهُ، حتَّى أَصَابَهُ مِنَ المَطَرِ، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ قالَ: لأنَّهُ حَديثُ عَهْدٍ برَبِّهِ تَعَالَى). “رواه البخاري ومسلم في صحيحهما”.

وعن مظاهر الجمال في هذا الحديث قال النووي:” معناه أن المطر رحمة، وهو قريب العهد بخلق الله تعالى له، فهو قادم من عنده سبحانه مباشرة، لذا فقد كان النبي يتبرك به، وفي الحديث أيضًا دليل أنه يستحب عند نزول المطر أن يكشف بدنه ليناله شيء من المطر ويدعو بدعاء المطر”.

وأيضًا علق العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين على الحديث بقوله:” لما نزل المطر مرة، خرج النبي صلَّ الله عليه وسلم من المنزل، وكشف عن رأسه ليُصيبه المطر، وأخذ يمسح رأسه بما أصابه ويقول: “إنه حديث عهد بربه” يعني أن هذا المطر حديث عهد بالله، فالله هو الذي أنزله من السماء، وهو الذي خلقه وسخره، وهو الذي أمر بإنزاله، فيقول هذه الكلمة إذا خرج إلى المطر وأصابه فابتل رأسه وابتلت ثيابه رجاء ببركته.

وهذه السنّة ثابتة في الصحيح، وعليه فيقوم الإِنسان ويخرج شيئاً من بدنه إما من ساقه، أو من ذراعه، أو من رأسه حتى يصيبه المطر اتباعاً لسنّة النبي صلَّ الله عليه وسلّم ويدعو بدعاء المطر.

ومن هدي النبي مع دعاء المطر مارواه البخاري:
(قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ قَالَ فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ قَالَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَفِي الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا قَالَ فَمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ السَّمَاءِ إِلَّا تَفَرَّجَتْ حَتَّى صَارَتْ الْمَدِينَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ حَتَّى سَالَ الْوَادِي وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا قَالَ فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ).

دعاء المطر

ومن السنن القولية والفعلية الواردة عن النبي عند نزول المطر وخلال نزوله وبعده:

دعاء عند نزول المطر الأول

ندعي بدعاء المطر ونقول: «اللهم صيـبًا نافعًا» فعن عائشة رضي الله عنها أن رسـول الله صلَّ الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: «اللهم صيـبًا نافعًا» رواه البخاري

وورد أيضاً أن تقول: «رحمة» لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلَّ الله عليه وسلم كان يقول إذا رأى المطر «رحمة» رواه مسلم

دعاء خلال نزول المطر

قف تحت المطر واكشف بعضاً من ملابسك ليلامس المطر جسدك راجياً البركة وادعوا بدعاء المطر كما ذكرنا سابقاً.

وأيضاً ندعو الله سبحانه تعالى بدعاء المطر ونسأله من الخير في الدنيا والآخرة فإن ذلك موضع استجابة لأنه يوافق تنزل رحمة من رحمات الله عز في علاه، ففي الحديث الشريف «اثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر» رواه الحاكم وحسنه الألباني.

إذا كثر المطر وخفنا من الضرر

ندعي بدعاء المطر ونقول: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال، والآجام والظراب، والأودية ومنابت الشجر» رواه البخاري

الدعاء عند سماع صوت الرعد

ندعي ونقول عند سماع صوت الرعد ما كان “ابن الزبير” رضي الله عنه يقول إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: «سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» رواه مالك والبخاري في الأدب

الدعاء بعد نزول المطر

ندعي بدعاء المطر ونقول: «مطرنا بفضل الله ورحمته» كما في الحديث الطويل وفيه أنه صلَّ الله عليه وسلم قال: “هل تدرون ماذا قال ربُّكم؟ فأما مَن قال: “مُطِرْنا بفضلِ اللهِ ورحمتِه، فذلك مؤمنٌ بي وكافرٌ بالكوكبِ”.

اقرأ أيضاً: عاصفة الكرمل تصل إلى الأراضي الفلسطينية والأرصاد تحذر من الفيضانات والرياح قد تصل إلى 80 كم/ساعة

دعاء المطر المستحب

ولأن المطر بركة وخير يأتينا من الله سبحانه وتعالى فيمكننا أن ندعو بما نحب وما نريد من الدعاء عند نزول المطر، وهنا بعض الأدعية عند المطر:

  • اللهم إني أستغفرك من كل ذنب يحبس الرزق، ويرد الدعاء، اللهم افتح لي أبواب رحمتك وارزقني من حيث لا أحتسب، اللهم نوّر لي دربي، واغفر لي ذنبي، وحقّق لي ما يكون خير لي وما أتمناه.
  • اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا بلاء، ولا هدم، ولا غرق.
  • اللهم طهّر قلبي واشرح صدري وأسعدني وتقبل صلاتي وجميع طاعاتي، وأجب دعوتي واكشف كربتي وهمي وغمي، واغفر ذنبي وأصلح حالي، واجعل الريان بابي والفردوس ثوابي والكوثر شرابي.
  • اللهم إني عبدك أسألك الشفاء فعافني، ورحمتك فارحمني، وراحة البال والعتق من النار.
  • اللهم إني أسألك بعزتك عظمتك وجلالك أن تحقق لي أمنياتي، وأن لا تكسر لي ظهراً، ولا تصعّب لي حاجة، ولا تعظم علي أمراً، ولا تحنِ لي قامة، ولا تجعل مصيبتي في ديني ولا تجعل الدنيا أكبر همّي، ولا تكشف لي ستراً ولا سراً، فإن عصيتك جهراً فاغفر لي وإن عصيتك سراً فاسترني، ولا تجعل ابتلائي في جسدي.
  • اللهم اغفر لنا وارحمنا، وارضَ عنا، وسامحنا، وتقبّل منا، واعفُ عنا، واجعلنا من أهل الجنة يا رب العالمين.
  • اللهم ارحمنا ولا تبتلينا، وارزقنا من خيراتك كثيراً يا رب العالمين.
  • اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها.
  • اللهم إني أسألك عيشة نقية، وميتة سوية، ومرداً غير مخزٍ ولا فاضح.