فيسبوك يشن حرباً قمعيةً ضد المحتوى الفلسطيني.. والنشطاء يردون

القدس المحتلة – بال بلس
(ينتهك هذا المنشور معايير مجتمعنا بشأن المحتوى غير المهم أو الاحتيالي)، كلمات اعتاد فيسبوك إرسالها إلى معظم النشطاء الفلسطينيين الذين حملوا على عاتقهم إيصال صوت القضية الفلسطينية إلى جميع أنحاء العالم ، وللكشف عن جرائم الاحتلال الصهيوني تجاه أبناء الشعب الفلسطيني.

فهي بضع كلمات منمقة يستتر خلفها الوجه الحقيقي للسياسة العنصرية والمتحيزة التي يتبعها الفضاء الأزرق  بمؤسسه مارك زوكربيرغ ، والذي كشف زيفه خلال الأعوام الأخيرة وذلك تبعاً لسلسلة من الانتهاكات لآلاف الحسابات الشخصية للعديد من النشطاء الفلسطينيين من خلال إغلاقها بشكل جزئي أو كامل بالإضافة إلى الحذف التلقائي لمنشوراتهم  دون تحذير أو إبلاغ.

من يتحكم بمراقبة المحتوى؟

فقد قامت شبكة فيسبوك بتعيين وزيرة القضاء الإسرائيلية” إيمي بالمور” مسؤولة عن مراقبة المحتوى وتحسين الشفافية على منصتها، وهو ما أثار جدلاً واسعا ًبسبب ما عرفت به بالمور من تشويه للمحتويات الفلسطينية وحض على حذفها.

ووفقاً لما صرح به موقع “أوريان 21” الفرنسي في مقال حول هذا الموضوع، إن المديرة العامة السابقة لوزارة القضاء الإسرائيلية وتحت إشراف وزيرة العدل المنتمية لليمين المتطرف إيليت شكد، أنشأت وحدة “سايبر” مختصة في تشديد الرقابة على المنشورات الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: الاعتقال الإداري تحت المجهر

وقد أبدى الكاتب بالموقع جان ستيرن تعجبه من تعيين بالمور التي كانت مسؤولة -تحت قيادة وزيرة والتي وصفت من قبل صحفي إسرائيلي بأنها “الصوت الأكثر تطرفًا في اليمين المتطرف الإسرائيلي”- عن تعقب الفلسطينيين على الشبكات الاجتماعية وخاصة فيسبوك وإنستجرام.

و بذلك فإن الاحتلال الصهيوني لم يكتف بتشديد الخناق على الأصوات الفلسطينية  فقط داخلياً ، بل حرص على إخمادها عالمياً ومن خلال أكثر الشبكات استخداماً وتفاعلاً من بين شبكات التواصل الاجتماعي.

كيف عمل فيسبوك على تعزيز البروباغندا الصهيونية؟

ولطالما حاول الاحتلال بشكل مستمر رسم صورة لامعة للكيان تبرزه كأنه الراعي للسلام والتقدم في المنطقة ،وأن الفلسطينيون والإسرائيليون يعيشون بطمأنينة ومساواة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى إعطاء انطباع وكأن “الشاباك” يعمل لأجل اليهود والعرب معاً.

ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك هو الناطق بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفخاي أدرعي الذي لا يدع مناسبةً تخص المسلمين والعرب إلا وأدلى بدلوه فيها، بالإضافة إلى توجيه الخطاب للشباب العربي بأسلوب عاطفي يزينه بالاستشهاد بآيات القرآن، وأحاديث النبي صلَّ الله عليه وسلم، وعبارات أهل العلم ، وتراه ممسكاً أحياناً بمسبحة في يده، وتارة أخرى يقوم بإلقاء تحية الإسلام على المتابعين غير آبهاً لكيل التعليقات الساخرة ومن ضمنها دعوته (بالشيخ أدرعي).

ويليه الشاب العربي اليهودي نصير ياسين صاحب برنامجDaily Nas  قد حرص أيضاً على إظهار وجه الاحتلال اللطيف والذي من خلاله بدأ مشروعه بالظهور بمظهر المحايد والمحب للإنسانية المبغض للعنف والكراهية، فالحياد يكسب نوعاً من المصداقية، وياسين يراهن على المصداقية، ولهذا بدأ مشروعه بعيداً عن الصراع الفلسطيني الصهيوني ولكن الغاية الحقيقية كانت مبطنة خلف عدم تضييعه أي فرصة لتغييب الشباب العربي عن الواقع الحقيقي للشعب الفلسطيني وإظهار صورة أخرى يستلطفها الكيان.

وقد كشف الكاتب هيلل كوهين في مقال نشرته “هآرتس” أنّ جهاز المخابرات الإسرائيلي “الشاباك” أنشأ مؤخرًا أكثر من 30 صفحة باللغة العربية على “فيسبوك” يديرها ضباطه ويشكل الجمهور الفلسطيني هدفاً مباشراً لها، ويتم التوجه إليه بشكل شخصي بواسطة ضبّاط المخابرات المجنّدين لهذ الغرض.

وجاء هذا الكم من الصفحات “الشابكية” بعد النّجاح الغير المتخيّل الذي حققته صفحة “بدنا نعيش” التي أنشأها “الشاباك” عام 2016، والتي اختارت فيه مصطلحاً متداولاً لدى الفلسطينيين للتعبير عن تعبهم من مقاومة الاحتلال و سعيهم وراء لقمة العيش لأبنائهم.

فلم يكن الانتشار الواسع لتلك الصفحات والشخصيات مجرد ضربة حظ ، بل كان برعاية مارك الذي طالما حرص على إظهار تأييده ودعمه للحكومة الصهيونية  كلما احتاج الأمر.

سيلٌ من الانتهاكات

ووفقاً لموقع صدى سوشيال فإن90% من طلبات الاحتلال الإسرائيلي لإزالة وحظر الحسابات والصفحات الفلسطينية، استجابت لهم فيسبوك منذ بداية عام 2019، وأكثر من 200 انتهاك للمحتوى الفلسطيني منذ بداية العام، بينها 100 انتهاك خلال شهر مايو/أيار و23 انتهاكاً خلال شهر يوليو/تموز، و17 انتهاكاً خلال شهر أغسطس/آب و17 خلال شهر سبتمبر/أيلول.

كما وبينت “حملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي”، أن هناك منشوراً واحداً ضد الفلسطينيين ينشر كل 71 ثانية، في حين تم توجيه 445 ألف دعوة لممارسة عنف ضدهم، وشتمهم وقذفهم بألفاظٍ عنصرية.

وبالرجوع إلى أحداث الشيخ جراح في نهاية الأسبوع الأول من شهر مايو، فإن الذاكرة قد سجلت لشبكة الفيسبوك مواقف عنصرية صادمة ضد الفلسطينيين وأبرزها تقييد منشورات الكثيرين، تضمنت هاشتاج “#أنقذوا_حي_الشيخ_جراح”، وحذف منشورات لصحفيين وناشطين فلسطينيين وثّقوا اعتداءات جنود جيش الاحتلال على الفلسطينيين، بالإضافة إلى حجب وتعلّيق حسابات، زاعماً أنها “تحمل خطابات كراهية وتحرض على العنف”، كذلك حجب رؤية محتوى الصفحات التي تحمل هاشتاج المسجد الأقصى.

وفي الوقت الذي كان فيه العدوان الإسرائيلي مستفحلا ًفي قطاع غزة، وجدت صفحات وحسابات على موقع التواصل الاجتماعي نفسها تتابع صفحة تحمل اسم “Jerusalem Prayer Team فجأة ودون مقدمات علماً بأن عدد متابعي الصفحة جاوز 76 مليوناً حول العالم.

وعرّفت الصفحة نفسها أنها تهدف إلى مهمة بناء أصدقاء صهيون لحراسة الشعب اليهودي والدفاع عنه وحمايته والصلاة من أجل سلام القدس.

كما أنها قامت بإغلاق صفحتي ميدان القدس والقسطل الشهيرتين ومئات الصفحات والحسابات التي قامت بمتابعة أخبار القدس بعد العملية الأخيرة.

وبتلك السلسلة من الانتهاكات التي قامت بها الشبكة لتلجيم أفواه الفلسطينيين ، فقد وضعت نفسها في مرمى نيران النقد الدولي والعالمي.

فيسبوك تحجب القدس

ومع تصعيد فيسبوك انتهاكاتها بحق المحتوى الفلسطيني لم يجد النشطاء الفلسطيني حلاً سوى القيام بحملة إلكترونية واسعة النطاق ضد سياسة الفيسبوك لإرغامها على التخلي عن تحيزها وعنصريتها  إزاء المحتوى الفلسطيني ، مطلقة شعار #FBfightsPalestine على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.

كما وانطلقت حملة أخرى تهدف إلى إلحاق الخسائر بالشركة وذلك عن طريق تخفيض تقييمها على متجري play store و Appstore. والجدير بالذكر أن الحملة نفسها أقيمت أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع في شهر مايو والتي كبدت مارك خسارة ملايين الدولارات .

وبالرغم أن الحرب القائمة بين الفيسبوك والنشطاء الفلسطينيين ليست حرباً مبنية على أسلحة وعتاد ، إلا أنها أشد فتكاً وضراوة ، فهي حرب إثبات كيان ووجود وهوية.