من هو زكريا الزبيدي أحد أبطال عملية نفق الحرية؟

رام الله – بال بلس
ما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلية في حالة من الصدمة والخدر، بعد تمكّن زكريا الزبيدي مع خمسة أسرى آخرين من الهروب من سجن جلبوع في منطقة بيسان، السّجن الذي تم إنشاؤه في عام 2004 ليكون الأكثر صرامة في تنفيذ أحكام الاعتقالات للأسرى الفلسطينيين الذين تمت محاكمتهم بالمؤبدات.

وتركز وسائل الإعلام الإسرائيلية حالياً على الاسم الأبرز من بين أسرى سجن جلبوع المطاردين وهو ” زكريا محمد عبد الرحمن زبيدي”، من مواليد “مخيم جنين” في عام 1976م والذي ينتمي إلى عائلة لاجئة من مدينة “قيسارية”، وهو القائد العسكري السابق وعضو المجلس الثوري لحركة “فتح”.

مخيم جنين والذي يعتبر رمزًا من رموز الانتفاضة الفلسطينية الثانية 200 وكان زكريا الزبيدي حينها قد أتم دراسته في مدارس مخيم جنين، ثم أنهى درجة البكالوريوس في قسم الخدمة الاجتماعية من جامعة “القدس المفتوحة”، ثم التحق ببرنامج الدراسات العليا الماجستير في قسم الدراسات العربية المعاصرة  بجامعة بيرزيت حتى تم أسره 27 شباط 2019.

وتنظر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الآن بهلع شديد، إلى الحدث المركّب والخطير ،نظراً لأن زكريا الزبيدي قد شغل سابقاً رتبة رئيس كتائب شهداء الأقصى في جنين (جناح فتح المسلح)، وشارك – وفق ادعاءات “إسرائيل”-  في عدة عمليات عسكرية، ويذكر أنه قد استشهدت “أمه وشقيقه” خلال الاجتياح الكبير لمخيم جنين في العام 2002 عملية “السور الواقي”.

الشاباك يقدم لائحة اتهام ضد زكريا الزبيدي ورفيقه

وفي أيار مايو من عام 2019 أعلن جهاز الأمن العام “الشاباك”، عن تقديم لائحتي اتهام ضد زكريا الزبيدي ورفيقه المحامي “طارق البرغوثي” حيث زعم الشاباك أنهما نفذا عدة عمليات إطلاق نار على حافلات إسرائيلية تتجه نحو مستوطنات الضفة الغربية.

وكان زكريا الزبيدي -الموظف في هيئة الأسرى والمعتقلين الفلسطينية- وزميله المحامي البرغوثي قد وقعا في الأسر يوم 27 شباط من نفس العام 2019، وخضعا لتحقيق وتعذيب في أقبية جهاز الشاباك سيء الصيت ، والذي نسج ضدهما لائحتي اتهام، لتبقيهما سنوات طوال في سجون الاحتلال.

 ومن بين ما نسب لهما “عمليات إطلاق النار في السنوات الأخيرة على حافلتين قرب مستوطنة “بيت ايل” ومستوطنة “بساغوت” وكذلك على سيارات عسكرية للاحتلال، بالقرب من مدينة القدس باستخدام سيارة تابعة للسلطة الفلسطينية بحسب مزاعم الاحتلال”.

ويزعم الشاباك أن زكريا الزبيدي ورفيقه البرغوثي قد نفذا هجومين اثنين بالرصاص على حافلات إسرائيلية  كانت تسير على الطريق بالقرب من مستوطنة بيت إيل في 7 تشرين الثاني 2018 وفي 27 كانون الأول 2018، وأيضاً في 5 كانون الثاني 2019. وأنهما أطلقا النار على حافلة قرب مستوطنة “بساغوت” لكنها فشلت بسبب الظروف الجوية.

 كذلك وبعد شهرين خططا معاً لشن هجوم على حافلة كانت متجهة إلى ذات المستوطنة، ويشار إلى أن زكريا الزبيدي قد تم شمله ضمن اتفاق العفو والذي تم صياغته عام 2007، وتمثلت هذه الاتفاقية بـ “الالتزام الصريح من قبل النشطاء بوقف جميع أنشطتهم.

 ويزعم جهاز الشاباك الإسرائيلي أن زكريا الزبيدي قد انتهك الالتزام المذكور بالاتفاق وشارك في عدة هجمات، وهذا يعني أنه ستتم محاكمته على نشاطه السابق والحالي أيضاً.

أما زميله طارق البرغوثي، ولد في عام 1975 ويعيش في مدينة رام الله، ويحمل هوية إسرائيلية وهو محامي وأيضاً عضو في نقابة المحامين الإسرائيلية وقد مثّل الأسرى في محاكم الاحتلال حتى يوم اعتقاله.

ويشار أيضاً أنه مع اندلاع انتفاضة الحجارة الأولى في عام 1987 قد شارك زكريا الزبيدي في عمليات مقاومة الاحتلال، وأصيب بطلق ناري في ساقه اليمنى في عام 1988واعتقل لستة أشهر.

واعتقل مرة ثانيةً في عام 1989 وحُكم وقتها بأربع سنوات ونصف، بتهمة إلقاء زجاجات حارقة (مولوتوف) على قوات الاحتلال، وأيضاً تهمة إعداد قنابل محلية الصنع.

وفي أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينات فتحت ناشطة حقوق الإنسان الإسرائيلية “أرنا مير خميس” زوجة المناضل الراحل صليبا خميس، مسرحاً للأطفال في مخيم جنين، وكان زكريا الزبيدي الذي يبلغ من العمر حينها 12 عاماً فقط وشقيقه الأكبر أيضاً داود وأربعة فتيان آخرين في نفس العمر يشكلون جوهر تلك الفرقة.

وبعد عملية تحرر زكريا الزبيدي التحق مباشرة بأحد أجهزة السلطة الفلسطينية حتى عام 1998وعند اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 شارك الزبيدي في تأسيس وقيادة الجناح العسكري لفتح “كتائب شهداء الأقصى”.

أصيب زكريا الزبيدي بـ 9 رصاصات واستشهدت أمه و شقيقه

وخاض الزبيدي معركة مخيم جنين التي وقعت في أبريل 2002 “عملية السور الواقي” حيث استشهدت والدته “سميرة” بالعدوان الإسرائيلي وأيضاً أخوه “طه” وابن عمته “زياد العامر” وابن عمته “نضال أبو شاذوف” والذي استشهد في عام 2001 وجدُّه “محمد زبيدي” الذي اغتيل في ألمانيا.

وأصيب زكريا الزبيدي بتسع رصاصات في محاولات متكررة لاغتياله، وأيضاً انفجرت في وجهه عبوة ناسفة لا تزال آثارها على وجهه وجسده حتى هذا اليوم.

واحتُجز زكريا الزبيدي في مراكز اعتقال السلطة الفلسطينية وسجونها مدة سبع سنوات، بدعوى حمايته من الاغتيال والاعتقال في سجون الاحتلال، ليخرج في عام 2016، ويستأنف عمله الوطني في “هيئة شؤون الأسرى والمحررين”، وبالمجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح.

وقالت صحيفة عبرية: وعودة في التاريخ إلي الوراء 19 عامًا إلي العملية التي خطط لها زكريا الزبيدي في عام 2002 والتي دمرت مركز انتخابات حزب الليكود عبر شاحنة ملغومة بالقنابل اليدوية والمهاجمين، وقتل خلالها 6 إسرائيليين وأصيب أكثر من 30 إسرائيلياً، لقد كان مركز حزب الليكود التابع لمدينة “بيت شيعان” / بيسان، المدينة التي يعتقد أنه فر إليها والمجموعة بعد الهروب من سجن جلبوع.

وأوضحت مؤسسة الأمن الإسرائيلية عام 2019 أن زكريا الزبيدي الذي تعهد بوقف نشاطه العسكري في نهاية الانتفاضة الثانية، وهو رجل متطور يعرف كيف ينفذ العمليات العسكرية بشتى الطرق، ويتقن فن تجنيد وتشغيل المقاومين في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، ويعتبر من الصعب كسره.

اقرأ أيضاً: أسير بسجن جلبوع يسكب الماء الساخن على السّجان، وإسرائيل تتحول لثكنة عسكرية

كما تصف لائحة الاتهام ضد زكريا الزبيدي علاقته الإشكالية مع المحامي طارق برغوت من القدس الشرقية، الذي اتُهم معه عام 2019 أيضًا بتنفيذ هجمات إطلاق نار ضد حافلات إسرائيلية، ومن المتوقع أن يقضي المحامي برغوت 15 عامًا في السجن كجزء من صفقة الإقرار بالذنب التي وقعها مع الجيش ومكتب المدعي العام.

المحامي برغوت يحمل الهوية الإسرائيلية مثل عدد غير قليل من الأشخاص على مر السنين جندهم زكريا الزبيدي، ويعتبر شخصية معروفة في أروقة المحاكم، وخاصة في القدس، نفذ عملية إطلاق نار باستخدام سلاح بحوزته برفقة الزبيدي.

تبادل الاثنان لوحات الترخيص الفلسطينية بإسرائيلية، وتركا الهواتف المحمولة في مكان إقامتهما مفتوحة الخط، وأطلقوا النار على حافلات إسرائيلية بالقرب من “بيت إيل” ثم عاد كلاً منهم إلي منزله.

وكان زكريا الزبيدي والمحامي برغوت قد اعتقلا في 27 فبراير / شباط عام 2019 كجزء من عملية قام بها جهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي.

خلال فترة الهدنة في صيف عام 2003  أصبحت معارضة زكريا الزبيدي لقواعد وقف إطلاق النار واضحة، وقد تم التعبير عن معارضته في كل من استمرار نشاطه الحربي وخاصة في سلسلة من المقابلات مع وسائل الإعلام، والتي دعا فيها إلى استمرار العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ووفقاً له فقد طبق هذه السياسة وفقاً لتفسيره حسب توجيهات ياسر عرفات، قال: “أفهم ما تقوله عيناه أنا الوحيد الذي يعرف ما يريده أبو عمار مني: أن أقاتل وأن لا أتوقف”.

في نفس العام ، ظهر هذا النمش الجميل في وجه زكريا الزبيدي بسبب شظايا قنبلة كان يحاول إنتاجها.

عرف عن زكريا الزبيدي أنه يستطيع شراء ذمة أي إسرائيلي واللعب في مبادئه وإغراقه في الحرام الذي يمكن أن يكون خطوط حمراء لدى دولة الفريسة، حتى أنه يستطيع أن يغير ملة أي شخص يستهدفه، مثالنا هنا الناشطة اليسارية الإسرائيلية “تالي فهيمة” عام 2004، بعدما جندها زكريا الزبيدي وألقي الشاباك القبض عليها، أدينت فهيمة بارتكاب جرائم تقديم معلومات للعدو ولمصلحته، والاتصال بوكيل أجنبي وانتهاك حكم قانوني بعدما أحبت زكريا الزبيدي وأغواها إلي خيانة إسرائيل، لقد اعترفت المدعى عليها بأن المادة السرية التي أضاعها ضابط عسكري إسرائيلي كبير، قدمت لها من قبل زكريا الزبيدي وقامت بشرح وترجمة محتوياتها له، وقدمت إيضاحات حول أهداف العملية ومحاور تركيز الجيش الإسرائيليى ووجهت زكريا الزبيدي إلى أسرار عسكرية كانت معنونة (بسري للغاية)”، لقد أصبحت فهمية مسلمة وهي تعيش الآن في جنين.

لن يصعب عليه أحد، يتم التحقيق الآن مع 14 سجاناً بينهم سجانتان إحداهما كانت نائمة على برج المراقبة الذي هربوا من تحته.