عندما نُعي إلى الزير سالم مقتل كليب أخيه، لهول الصدمة، سألهم: هل مات كله؟!

الزير سالم نعي اخيه
الزير سالم ينعي كليب اخيه بعد وفاته

فمن هو الزير سالم؟
كانت شخصية الزير سالم المُهلهل أحد الشخصيات التي حيرت الأنام، وكثرت فيها التناقضات حتى أصبحت وكأنها شخصية أسطورية؛ فصاحبها بطل أسطوري لا يشق له غبار، وشاعر فحلٌ حُفظت له الأشعار؛ وأول من أطال في قصائده طويلة، وأول من كذب بالشعر وأرقه

أما الذي جعل اسمه يُذكر في مجالس القبائل والعشائر حينها فيرتعبوا منه،

 ليستمر ذكره وقصته متوارثة إلى يومنا هذا، فهو بكائه الطويل على موت أخيه، ورثائه غير المنقطع له، حتى لعب على أوتار الجاهلية، فقتل قبيلة بأكملها، ومسحها عن بكرة أبيها ثأراً لدمائه، إنه بالمجون واللهو قد اتصف، الزير سالم الذي اختلف الباحثون في اسمه إن كان سالم أم عدي، فهو عدي بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل.

ألقاب الزير سالم

ألقابه كثيرة، لقب بالزير سالم، أو زير النساء، كما لقب بالمهلهل

قيل لأنه كان يلبس ثياباً مهلهلة، وقيل لأنه هلل الشعر أي أرقّه

وكُني بأبي ليلى، قيل لأنه رأى رؤيا في صغره حيث رأى نفسه ينجب فتاة ويسميها ليلى وسيكون لها شأن ومكانة، فلمّا أنجب فتاة سمّاها ليلى وزوجها بكلثوم بن مالك وأنجبا عمرو بن كلثوم صاحب المُعلقة الشهيرة

أما عن صفات الزير سالم،

فقد عُرف عنه حبه للفكاهة والمرح، وكثرة مجالسته للنساء في تلك الفترة، مقبلاً على اللهو والشرب بكثرة، كذلك عرف عنه كثرة الصيد في البراري وكان أكثر صيده من السباع.

عرف عنه حب الشعر وإلقائه، وقيل بأنه خال “امرؤ القيس”

علاقة الزير سالم بأخيه كليب،

جمعت بينهم علاقة قوية حيث كان كليب يرعى شؤون الزير الذي كان يبلغ من العمر 10 سنوات عندما قُتل أبيهم على يد الملك التبع اليمني

فاعتنى به كليب وصحبه معه إلى رحلات الصيد في البراري ليشتدّ عوده على يد أخيه

مقتل كُليب على يد جساس كانت بداية الزير سالم الحقيقية

كان الزير سالم يتألم لمقتل أخيه وتعهد بقتل البكريين جميعاً، ثم اجتمع قومه بهدف تحقيق المصالحة بينه وبين أبناء عمومته، إلا أن المحاولات كانت فاشلة

حيث ظلّ زمنًا طويلاً يبكيه، ويرثيه بقصائده الطوال، ويتوعد البكريين بالثأر، بقتل شيوخهم وأولادهم، إلى أن يئس قومه منه واتهموه بأنه قوّال وليس بفعّال وقالوا لقد صدق كليب، “وهمَّ “مُرّة” وأبنائه بالرجوع إلى دياره بعد أن رأوه مستسلم لجُبنه، فلما بلغ ذلك المهلهل انتبه للحرب وشمر عن ذراعيه وجمع قومه ثم قام بقص شعره وقصر ثوبه وأقسم ألا يهتم بلهو ولا يشم طيبًا أو عطراً ولا يشرب خمرًا أو يدهن بدهن حتى يأخذ بثأر أخيه ويقتل بكل عضو من كليب رجلاً من قبيلة بكر”

فترة الحرب..

وبدأت حرب طويلة الأمد انقسمت فيها قبائل بكر بين مؤيد ومعارض لانتقامه لأخيه، وقال الحارث بن عباد حينها مقولته الشهيرة التي أصبحت مثلاً: “هذه حرب لا ناقة لي فيها ولا جمل”.

وظلت الحرب بين القبيلتين قائمة حوالي أربعين سنة أتعبت وأرهقت الجميع وجعلتهم كارهين لهذه الحالة بينما الزير سالم كان يقاتل بقوة وشجاعة معبرًا بذلك عن ثأره لأخيه كليب وانتقامًا له من جساس الذي قتل أخيه..

الزير سالم كان من شدة حزنه على أخيه كلما انتهى من معركة ذهب إلى قبر أخيه كليب يبكيه بشدة ويقول له “لقد قتلت منهم كذا وكذا فهل اكتفيت يا أخي؟”

نهاية الزير سالم:

هناك عدة روايات لمقتل الزير سالم، لعلّ أصدقها تقول أنه لما تقدم العمر به خرف فأقام عليه قومه غلامين عَبدين يخدمانه، وخرج معهما في سفر فعزم العبدان على قتله لكن الزير سالم أحس بذلك، فكتب على قتب رحله:

من مبلغ الحيين أن مهلهلاً … لله دركما ودر أبيكما

فقتلاه وعادا إلى الحي ثانية وقالا بأنه مات في البراري ولكن ابنته قرأت ما على القتب فقالت: إن المهلهل لا يقول هذا الشعر وإنما أراد قولاً آخر

من مبلغ الحيين أن مهلهلاً.. أمسى قتيلا في الفلاة مجندلاً

لله دركما ودر أبيكما.. لا يبرح العبدان حتى يقتلا

فضربوا العبدين حتى اعترفا بقتلهم للزير سالم فقتلهم القوم..

هذه هي نهاية البطل الزير سالم، الذي أفنى عمره في طلب الثأر لأخيه كليب وجمع الجماجم، حتى صار الموت عنده يساوي الحياة، ونسي اللذات جميعها، وفقد كل قريب أو بعيد كان معه في لحظات حياته، وطويت بموته للثأر صفحات كثيرة لن تتكرر…

اقرأ المزيد في قسم الأدب

المصدر مجلتك